السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ُأقيمت الصلاة في جماعة وصليتها ولكن ما إن دخلت فيها سهوت واسهاني الشيطان حتى إنني لم استشعر ركعة ولا تسبيحة ولا آية، إلى أن يسلم الإمام وتنتهي الصلاة...
فماذا افعل أعيد الصلاة أم ماذا؟
الاجابة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب عامة أهل العلم إلى أن الصلاة إذا وقعت مستكملة الشروط والأركان تكون صحيحة، وأن الخشوع ليس شرطا ولا ركنا في الصلاة إذ الصلاة لا تبطل إلا بترك ركن - كالركوع أو السجود - عمداً، أو شرط كالوضوء، أو بفعل ما يحرم فيها، من كلام أو أكل أو ضحك أو عمل كثير.
وعليه: فلا يجب عليك إعادة الصلاة، لأن الخشوع - وإن كان هو روح الصلاة، وإذا افتقد في الصلاة كانت الصلاة مجرد حركات لا حياة فيها - إلا أن فقدانه لا يبطلها، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نودي بالصلاة، أدبر الشيطان، وله ضراط، فإذا قضي أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي أقبل، حتى يخطر بين الإنسان وقلبه، فيقول: اذكر كذا وكذا، حتى لا يدري: أثلاثاً صلى أم أربعاً، فإذا لم يدرِ ثلاثاً صلى أو أربعاً، سجد سجدتي السهو"، وليس فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر من وقع في ترك الخشوع بهذه الصورة الكبيرة بأن يعيد الصلاة.
وننبه السائل الكريم إلى أن هناك وسائل للتغلب على ذلك السرحان، وتحقيق الخشوع في الصلاة ومنها:
أولاً: الالتجاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه أن يصرف عنك وساوس الشيطان، والاستعانة به، مع تدبر ما يُقرأ من قرآن، وتعقُّل معنى ما تقول من أذكار.
ثانيا: ملاحظة أن الصلاة بدون الخشوع لا يحصل فاعلها على ثمرة الصلاة، التي تتمثل في كفه عن الفحشاء والمنكر، فمن لم يخشع في صلاته، فوَّت على نفسه لذة المناجاة لله تعالى، التي هي ألذُّ ما يتلذذ به المؤمن، وقد امتدح الله تعالى الخاشعين في صلاتهم، فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1،2].
ثالثا: استشعار الوقوف بين يدي الله تعالى، وأن الله - تعالى - مُطَّلِعُ على سِرِّه وعَلَنِه.
رابعا: عدم الاسترسال مع الخطرات، والاجتهاد في حضور الذهن، والفكر أثناء الصلاة.
خامسًا: تَفْرِيغ القلب من الشواغل الدنيوية والحاجات البدنية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع فتاوى": "وأما زوال العارض فهو الاجتهاد في دفع ما يُشغِل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يُعِيْنُهُ، وَتَدَبُّر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة، وهذا كل عبد بِحَسْبه، فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها".
سادسًا: أن يصلي صلاة المُوَدِّع ففي "سنن ابن ماجه" عن أبي أيوب قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:" يا رسول الله: علمني وأوجز، قال: إذا قمت في صلاتك فصَلِّ صَلاَةَ مُوَدِّع"، حسنه الشيخ الألباني، فمن اعتقد أنه - وهو في صلاة - أنها ربما تكون آخر صلاة يؤديها فَحَرِيٌّ به أن يخشع فيها ويُتْقِنُهَا.
سابعًا: القراءة في كتب السيرة عن أخبار السلف وقصصهم مع الصلاة وطلبهم الخشوع بأي ثمن.
فتوى الشيخ : خالد عبد المنعم الرفاعي